الجمعة، 29 ديسمبر 2017

قصة كتاب كن أنت ولا تكن غيرك جمال ماضى


كن انت ولا تكن غيرك - جمال ماضى 

كن أنت ولا تكن غيرك، حتى يعرقل طريقك إلى السعادة، يشكو الكثيرون التعاسة، ويعانون آلامها، ويبحثون عن الدواء ولا يجدونه، ولو سألنا أنفسنا لماذا الأطفال أكثر فرحاً من الكبار؟ سنجد السبب واضحاً على وجوههم، الأطفال مازالوا ورد لم تلمسه أيدي البشر، الأطفال مازالوا أنقياء ولم يلوثوا بالأفكار التي يمليها عليهم الغير، وعندما يكبرون ويشحنون بالمفاهيم والقيم الجيد منها والرديء تبدأ التعاسة تضع طباشيرها على سبورة حياتهم، ويبدأون بتصنيف الخير والشر، الحب والكره، الجميل والقبيح، السيئ والرديء، واختلاط الألوان والأشكال هي ليست من فعلهم وإنما بناءً على رؤية الغير الذي سلط نفسه على الأطفال، وصار قاضياً فاشلاً يحدد طريق الحياة لغيره من الصغار وعليهم الاستجابة من دون شروط أو حتى وضع علامة الاستفهام؛ لأنها تشكل حالة عصيان ضد الثوابت، هذه السلطة البائتة تسبب صداعاً وألماً نفسياً تتبعه تعاسة تستوطن القلب ولا مجال للتحرر منها، هذه التربية التقليدية تحول الكائن البشري إلى كمبيوتر، مبرمج، ولا حيلة لتفريغه من شحنته الثقيلة؛ لأنه لو حاول أحد أن يفك العدة فلن يتمكن لأن العقدة قديمة، والشخص عالق بها منذ زمن الطفولة. الإنسان إن لم يكن هو لن يستطيع أن يتخذ قراره الفردي، وبالتالي سيكون في وضع العالق في غابة مليئة بالوحوش، وليس أمامه إلا تسلق الأشجار ليحمي نفسه، ولكن هذا ليس حلاً؛ لأن البقاء فوق شجرة ليوم واحد يجعل الإنسان يهلك ظمأ، فكيف أن يعيش العمر كله معلقاً ما بين السماء والأرض، يظل الإنسان أسير أفكار الآخرين، حتى يصل إلى ذاته ويكتشف ما بالداخل، ويعرف أن كائناً مهماً قد تم تجاهله ألا وهو الذات، وفور الوصول إلى ذاك النبع الصافي والتمسك به، يتخلص الإنسان من ملابس الآخر التي ارتداها من دون وعي منه، واكتشف أنها الآن لا تناسبه، وعليه الذهاب إلى أقرب حائك ليخيط له ثوباً يناسبه، هذا الحائك، هو، هو، هو عقله الواعي، هو ذاته الصاحية وعندما يصبح هو، هو يشعر بالنور ويتلمس شعاعاً يتسلل من بين جوانحه، وشيئاً، فشيئاً، يضاء الفناء الداخلي كله، ويرى الإنسان، ما كان لا يراه وأول شيء هي السعادة، لأنه عندما تكتشف نفسك تقترب منها وعندما تقترب من نفسك تحبها، والحب هو الطريق الواسعة التي تؤدي بك إلى حديقة السعادة التي تهديك عربون العلاقة الجديدة، وتقول لك إن أردتني فكن أنت ولا تجلب الوسيط، لأنه ما من شخص يحبك أكثر منك، فحب نفسك، فسوف تحب الآخرين، ومن خلال الحب تشرق السعادة وتزهر أشجارها. 


التعبيراتالتعبيرات