قصة كانسر هى أخر القصص المنشورة للكاتب أحمد سمير حسن، الذى يقوم بكتابه القصص و الاشعار بصفه دائمه على صفحته على الفيس بوك، ولكنه أنقطع عن الكتابه و اختفى منذ فتره ليست بالقصيره
على كل حال، هذه هى القصة و سننتظر رأيكم فى التعليقات
" إبريل – 2000 "
القاهره – مستشفي السلام
تلك الأضواء المُزجعة‘ الأصوات العالية، البكاء على من توفي منذ لحظات، دمعات الفرح، كل شئ مُعتاد كل شئ مُعتاد و كأنها موسيقي رتيبة يتم عزفها من هذه الضوضاء التى غالباً ما يحدث شئ غير مُحبب بعدها، غالباً ما تأتي المُصيبة ..
- أستاذ عبد المجيد .. " كان هذا الطبيب القصير، الذى لم يتفائل عبد المجيد برؤياة للمره الأولي "
- نعم .. نعم يا دكتور ..
أجاب الطبيب أسفاً و هو ينظر إلي الطفلة التى تتمسك بقدم " عبد المجيد "
- البقاء لله – المدام إتوفت ..
لم يرد عبد المجيد؛ فقط إكتفي بالنظر إلي فتاته الصغيرة " وعد " التى لم تُكمل عامها الثالث بعد و هربت دمعه شارده من عينة و هو ينظر إليها، مسح دموعه سريعاً قبل أن تلاحظ إبنتة و أبتسم و قال لها :
- أنا النهارده هخرجك !
***
" يناير – 2016 "
" القاهره – الزمالك "
" شقة – في الطابق الثاني "
صوت الموسيقي يغمُر المكان مصاحباً لصوت المطر، هذا الجو الرائع لا ينقصة إلا " البيبسي " ليكتمل هذا " الجو " الرائع كما يُحب " هاني " و " وعد "
" أحلم معايا .. ببكره جاي – ولو مجاش إحنا نجيبة بنفسنا "
هذه الإنية التى تعشقها وعد، قام " هاني " بتشغيلها و ذهب لإيقاظ " وعد " الملاك النائم لا يشعر ببرودة الجو .
- وعد ! " قالها هاني بعدما قام بتشغيل أغنية وعد المٌفضلة "
- بابا إية الجمال ده مشغلي حمزة نمرة كمان
إبتسم هاني و نظر إليها بحنان و قال :
- ما بلاش حكاية بابا دي بقي، مكبراني أوي و بعدين إحنا أكيد هنتجوز في يوم ..
ضحكت وعد ضحة عالية و قالت :
- خلاص يا عم إحنا أسفين متزعلش، و بعدين مش عارفة أبطلها من ساعه ما قولتي أقولهالك أول مره، مش بفتعلها بس صدقني مش عارفة خالص يا حبيبي
إبتسم " هاني " عند سماع كلمتها الأخيره " حبيبي " و ذهب إلي " الثلاجة " و أحضر " Cann " " بيبسي " و أتي و قال لها :
- حبيبي طالعه منك حلوة أوي، ما إحنا بنعرف نقول كلام حلو أهوة .. المُهم بقي قومي الساعه 99 بليل و الدُنيا بتمطر و الجو تحفة
أعتادوا منذ فتره على النوم نهاراً و الأستيقاظ طوال الليل؛ فا هم كما يذكرون كائنات ليلية لا يحبون النهار أبداً .. و دائماً ما تمر سويعات الليل سريعاً وهم سوياً .
ذهبوا إلي جوار النافذه و جسلوا صامتين، تأمل " هاني " أعيُن " وعد " الساحره ذات الأعين السوداوين " الأعين التى جعلتة يعدها بأن يبقي دائماً بجوارها حين وجدها باكية، الأعين التى تحمل حُزناً لعينً "
- هنتجوز .. ؟ " قالها هاني مفاجأه "
إبتسمت " وعد " و تلاعبت فى خُصلات شعرها المُتطاير و قالت :
- أحنا إتكلمنا فى الموضوع ده قبل كده يا هاني، إحنا عايشين سوا، و بنعمل كل حاجه سوا، هتفرق إية لما نتجوز ! .. ولا حاجه – ولا حاجه صدقني، أحنا كده بنحافظ على علاقتنا و لو على الناس، كل الناس فكرانا متجوزين أصلا ًـ و بعدين مش هتفرق، من إمتي و إحنا نهتم بكلام الناس يا فنان .. ؟
أرتفع حتجل " هاني " الإيسر عند سماع لفظ " فنان " الذى سمعه منها ربما خرج ساحراً مخففاً عن ما قالتى التى لم يعجبة بالتأكيد، ربما لم ؛ يسمع " هاني " لقب فنان عشرات المرات إسبوعياً لكنه لم يسمعه بهذا الجمال قبلاً، قال هاني طارداً أفكاره :
- وعد – أنا بحبك .. أنا عايز أبقي مرتاح و أنا معاكي .. أنا .....
قاطعته " وعد " و قالت بصوت حاولت أن يبدوا قوياً غليظا :
- هاني – إنت وعدتني إنك تبقي بابا و بس موعدتنيش أبداً إننا فى يوم هنتجوز، خليك قد وعدك .. مُمكن !
لم يعتاد هاني أن يري " وعد " تتحدث بهذه الطريقة معه قبلاً – لم يعتاد أن يعلوا صوته فى حوار معه منذ عرفها منذ الطفولة و منذ قرروا العيش معاً من ثلاث سنوات .
***
" مارس – 2005 "
صوت البكاء، رؤية الأعين الدامعه التى تحاول أن تبتسم مجاملة لها، و لكي تداري الوجع الساكن داخلهم، كل هذه الأشياء رأتها قبلاً عندما توفيت والدتها و ها هي " وعد " تراها للمره الثانية فى وفاه والدها " عبد المجيد "
هذه التهامسات، القرأن التى لم تعتاد سماعه إلا فى حالات الوفاه، الزي الأسود الرسمي الكئيب، اليوم قد فقدت أخر ما تبقي لها، من عوضها عن فُقدان والدتها عندما كان عُمرها ثلاث سنوات فقط، الأن و قبل أن تُكمل عامها الثامن تفقد والدها و ستضطر بكل تأكيد أن تذهب إلي إحدي أفراد العائلة للعيش معهم .
كانت " الشقة " مليئة بأناس جائوا لتقديم واجب العزاء فى الأستاذ " عبد المجيد " الذى كانت تعرف جيداً أنه كان محبوباً
" الأستاذ عبد المجيد صاحب واجب - الأستاذ عبد المجيد خيره سابق – الأستاذ عبد المجيد كان مثال للراجل المُحترم المُلتزم – مش مصدق أبداً الأستاذ عبد المجيد إتوفي إزاى – بنتة هتروح فين دلوقتي "
كل هذه الجُمل سمعتها، كل هذه الجمل تركت أثراً سلبياً داخلها، أحياناً يحاول البشر أن يكونوا ودودين لكنهم فى الحقيقة يصبحون أغبياء؛ أكثر قسوة، فى ظل هذا التزاحم و كل هذه الوجوه الغريبة رأتةً " هاني "
أقترب منها و قال :
- أنا عرفت أن باباكي مات، سيبت الدرس و جيت، متزعليش أنا جنبك ..
لم تعرف " وعد " سُبل الرد فقط أكتفت بالبكاء، البكاء هو خير وصف و خير رد لبضعه حالات، منها حالات الوفاه و خاصه عندما تكون طفلاً لا تقوي على شيئاً سواه،
أكمل هاني كلامة :
- وعد، قولتلك متعيطيش، أنا هفضل جنبك، مش هسيبك أبداً، ممكن تقوليلي بابا من دلوقتي و أنا والله ما هسيبك أبداً، هفضل على طول جنبك .
بدأت " وعد " أن تهدأ ثم أمسك " هاني – صديق وعد فى المدرسة الإبتدائية " يد " وعد و قبلها .
***
" مارس – 2016 "
" القاهره – الزمالك "
عاد هاني إلي منزلة فى " العاشره مساءً " وجد الأضواء جميها مُغلقة، حتي الأضواء الخافتة التى يحبونها فى " ليل الشتاء " فا عرف أن " وعد " ليس فى المنزل، جلس أمام " النافذه ليلتقط أنفاسة و نظر إلي " البشر " كما يحب أن يطلق عليهم، وجد بائع الورد يغني مع أغانية الكلاسيكية، و رجل مُتصابي يتعارك مع شاب كان " يجري بالـ سكيت بورد " و إمرأه عجوز إغتصبها الزمن تحاول أن تسأل العابرين بأن يعطوها قوت يومها، ثم وجد " وعد أتية " بفستان قصير كان يكره، أن يراها تخرج به إلي الشارع، لا يُحب أن ينظر إليها " الشباب " فى الشوارع بهذا " الفستان " او " الفساتين " القصيره عامةً التى يراها دائماً كـ الملائكة فى داخلهم، هذا كله غير، إنها لم ترتدي " الحجاب " إلي الأن، و أنها تقوم بتغير قصه شعرها كل أسبوعين تقريباً، و كلما حادثها فى هذا الموضوع ترفض، وعد من الشخصيات " العندية " لكنه يعشق الجدال معها فى كل الحالات، يعشقها فى كل حالتها، سواء كان أب لها او حبيب أو أي كان ..
فتحت " باب الشقة " وجدته أمامه فأبتسمت و قالت :
- حمد لله على السلامه يا فنان، مش تقول إنك نازل
ضحك " هاني " و قال :
- أنا برضة، طيب يا ستي انا كان عندي حفلة و منمتش كويس و فا قولت بلاش أقلقك، خلصت و جيت على طول، إنتي كنتي فين بقي
- إية ده حفلة من غيري، إية كمية الوطينة دي، و عملت إية هناك بقي .. ؟
لاحظ " هاني " محاولة "وعد " فى تغير الموضوع و قال لها :
- حفلة ليا .. هكون عملت إية يعني أكيد غنيت، المُهم بقي أنا مش قولتلك، بلاش الفساتين القصيره إللي بتخرجي بيها دي، و برضة بتطنشيني ينفع كده !
ربما ظهر على وجهها الضيق من " عصبيتة " و كلامة عن " لبسها " مع إنها إستمتعت بكل كلمة يقولها، دائماً ما تعشق غيرته، في داخلا يقين بُحبة لها و لكن لا تعترف بهذا :
- لبس إية ياض إنت فُكك، إنت عارف محدش يقدر يعاكسني أصلاً ولا الكلام ده، إنت عارف بنتك بـ 100 راجل
ضحك " هاني " رغماً عنه رغم انه حاول جاهداً أن يظهر غاضباً و لكن لا يستطيع فعل هذا مع وعد .. نظر إلي الشرفة ثم عاود النظر إليها و قال :
- طيب كنتي فين يسطا إنتي !
جلست على كرسيها الخاص ووضعت قدماً على قدم و قالت :
- عادي يعني كنت زهقانة فا روحت قعدت فى الساقية شوية ..
إستنكر " هاني " كلامها و قاطعها و قال :
- الساقية ! .. أنا الحفلة بتاعتي كانت فى الساقية و و عديت على الكافيتريا و مكنتيش هناك .. وعد إنتي بتكدبي .. قوليلي كنتي فين !
***
" أكتوبر – 2010 "
" إسكندرية – العجمي "
" إحلم معايا – ببكره جي – ولو مجاش إحنا نجيبة بنفسنا "
كانت الغرفة مُظلمة، و مستلقية " وعد " على سريرها تستمع إلي أغنية وجدتها بالصدفة على الإنرنت تسمعي " إحلم معايا " لفنان لم تسمع عنه من قبل يُدعي " حمزة نمرة "
وجدت إسمة يظهر على هاتفها " إلي حولتة إلي الوضع " الصامت " لتتلاشي كل ما يُزجعها عند سماع الإغاني، و لكن لم تكن تتخيل أن يتصل بها " هاني " فى هذه الليلة بالذات رغم معرفتها إنه لدية إمتحان فى الغد
و سريعاً قامت بالرد على المكالمة :
- بابا
- زهقانة أوي، بيعاملوني وحش أوى يا هاني من ساعه ما جيت عند عمي هنا لما بابا مات و هم مشغلني زي الخدامة مش بيصرفوا عليا جنية، انا مش عايزة منهم حاجه بس يعني يحسوا بيا شوية، أنا كرهت العيشة هنا كرهت كل حاجه، حتي الدراسة حرموني منها
صمتت قليلاً حتي عاد هاني إلي الحوار من جديد :
- يعني خلاص مش هتيجي إمتحان بكره ..؟
- اه قالولي البنت مهما تتعلم ملهاش إلي بيت جوزها و مش هتعملي حاجه بشهادتك أنا مش عارفه هم عايزين مني إية .. أنا فكرت أسييب البيت .
قاطعها هاني سريعاً بصوت غاضب :
- وعد أوعي تعملي كده، بلاش ده أنا هكون جنبك و هساعدك إدعيلي إنتي احقق حلمي بس و أبقي مغني مشهور كده و هاجي أتقدملك و اتجوزك على طول .
- لأ يا هاني لأ .. إنت وعدتني تبقي بابا .. يبقي متبقاش غير كده مش متخيلاك غير بابايا و بس ..
صمت " هاني " قليلاً لا يعرف بماذا يُجيب حتي عاود حديثة :
- وعد – بما إني باباكي أنا هاخدك و هنعيش سوا .. لوحدنا و بس و انا أوعدك عمري ما هسيبك ..
- إنت إتجننت يا " هاني " إحنا لسه صغيرين مكملناش 144 سنه نعيش سوا إزاى و الناس هتقول علينا إية بس أصلاً .. ؟
- ملكيش دعوه أنا هتصرف بس، هنقول إننا متجوزين، مش هيبقي دلوقتي انا هكون مغني مشهور و إنتي هتكوني جنبي دايماً مش هنقعد فى إسكندرية، بس هخلصك من كل ده وعد يا وعد .. المُهم انا هقفل عشان إمتحان بكره عشان لازم أحقق حلمنا ده .. و ده هيبدأ من إمتحان بكره .. باى
- باى
***
" الزمالك – 2016 "
بعد أن وصفها بالكدب لأول مره منذ أن عاشا سوياً من ثلاث سنوات، ظلت " وعد " صامتة ، ربما لم تجد فيه الشخص الذى وعدهم أن يخلصها من الجحيم التى كانت تحياه مع عمها منذ ثلاث سنوات، عندما إتصل بها و قال لها أنه فى إنتظارها عند " ترام سيدي بشر 1 " حينها خرجت " وعد " دون أن يشعر أى احد من المنزل و ذهبت إلي " هاني " الذى قال لها أنه أخذ " شقة " فى " القاهره – الزمالك " و أخبر والده هنا أنه سيبقي فى القاهره حيث دراستة و حيث فرقتة الموسيقي " الذى هو مؤسسها " التي تُصنف تحت باند " إندر جراوند "
إنتشلها من جحيم إلأسكندرية إلي جنة القاهره فى " 20133 " كانت هي فى السادسه عشر من عمرها و هو على مشارق الثامنة عشر، و لكن رُبما عدم مبالتهم بحياه الناس جعلت من حياتهم العادية جنة فى منزل صغير فى " الزمالك " بجانب المكان الذى تبناه و ظهر فيه موهبتة و هي " الغناء " منذ الصغر وهو " ساقية الصاوي " المكان الذى يعشقة، تذكرت وعد كل هذا بعدما قال لها إنها كاذبة و لكن هل تذكرت هذا لأنها لم تكذب ام لسبب أخر .. !
لم ترد " وعد " فقط أكتفت بالنظر إلية ثم، ذهبت إلي جهاز " اللاب توب " و قامت بتشغيل أغنية دائماً ما تعشقها رغم صدورها حديثاً إلا إنها تذكرها بما عاشوة سوياً فى إسكندرية و ما ان قامت بالشتغيل حتي بدأت الموسيقي فى أن تغمر المكان، و هذا كله دون أن يتحدث " هاني بكلمة واحده "
عادت وعد إلي الأريكة و ضمت رُكبتيها إلي صدرها و نظر إلي الأرض و تدلي شعرها من جانبها و هي تستمع إلي الأغنية
" لون الشوارع .. و طعم الغرام و سحر المدينة و صوت الترام "
ثم وضعت قدميها على الأرض من جديد ووقفت و نظرت إلي " هاني " الناظر إليها و بدأت فى الرقص بطريقة مجنونة و بدأت تحرك شعرها بسرعه، ثم نظرت إلي " هاني " و قالت له :
- بابا .. إنت قولتلي هاتجيبلي سكيت بورد .. فينة .. ؟
جلس " هاني " وقال لـ " وعد "
- لية بتغيري الموضوع يا وعد .. كنتي فين يا حبيبتي ..؟
إبتسمت وعد من جديد و نظرت إلي هاني و أقتربت منه أكثر و تلاعبت بـ لحيتة و قالت له بإبتسامه ربما تكون زائفة :
- أنا عندي كانسر .
أحيانا بعض الكلمات تكون بمثابة رصاصة الوداع التي تتلقاها، لا يشعر " القاتل بما فعله " و لكن هذه الرصاصة قد تقتلك مراراً كلما تتذكرها و جملتها الأخيره، كانت بمثابة هذه الرصاصة بالنسبة له .
لم يرد من هول ما سمعه، و لكن ضحكت " وعد " و أكملت حديثها،
- مالك مبلم كده ليه .. كنت حاسه بـ ورم و حسيت أنه كانسر زي ماما و روحت كشفت و طلع فعلاً كانسر .. أنا مبسوطة !
وجد " هاني " وجهة بين كافية دون النُطق بكلمة واحده ثم رفع رأسة من جديد و نظر إلي " وعد " و قال لها :
- مقولتليش أن مامتك ماتت بسرطان .. و بعدين إنتي إزاى مبسوطة .. ؟
- مبسوطة عشان هروح لماما و بابا – مبسوطة عشان هموت
***
" إبريل – 2002 "
" الأسكندرية – سيدي بشر "
صوت القرأن يرتفع، الجالسين ياتون أشخاص لم تعتاد " وعد " رؤيتهم ووالدها يستقبل الجميع، ربما يبدوا على وجههم الحُزن لكن ليس نفس الحُزن الذى رأته التى رأتة للمره الأولي عند وفاه والدتها ذهبت " وعد " إلي والدها " عبد المجيد " و قالت له :
- بابا .. مين اللى مات .. ؟
إبتسم " عبد المجيد .. من سؤال إبنتة البرئ و قال لها :
- محدش مات يا حبيبتي دي السنوية بتاعه ماما، بنعمل كده عشان ماما تاخد ثواب و الناس تقرالها الفاتحه و بنعمل كده كل سنه، و هفضل أعمل كده لحد ما أموت بإذن الله.
- هي ماما ماتت إزاى يا بابا .. ؟
تنهند " عبد المجيد " قبل أن يُجيب ثم قال لها :
- ماما جالها كانسر .. ده مرض بياكل فى الجسم لحد ما يموتة بيبقي ورم و ملوش علاج .. الله يرحمها .
***
" الزمالك – 2016 "
" لون الشوارع - و طعم الغرام وسحر المدينة و صوت الترام و شلة مرافقها لكشك السجاير و جسمي إللي فاير – تبص فى مرايتك مفيش شعرا بيضا و قاتلك شعورك بأنك عجوز و تسأل كبرنا ..؟ أقولك يجوز "
مازالت الموسيقي صاخبه تغمر المكان و مازالت الصدمة على وجه " هاني "
نظر " هاني " إلي " وعد " المُبتسمة و قال لها :
- مُمكن أفصل المزيكا .. ؟
- أه أكيد إتفضل .
إبتسم و قال لها :
- لية محكتليش كل ده قبل كده .. ولية عايزة تموتي .. مش مبسوطة إن أحنا سوا .. ؟
وجد " هاني " أعين " وعد " تتمتلئ بالدموع دون سقوط أحدهم ثم صمت و قال لها :
- هتبقي تمام .. متقلقيش هتتعالجى و هتبقي زي الفل
إبتسمت " وعد " و كأنها غير مصدقة ما يقول و لم تنطق بحرف حتي أكمل " هاني " كلامة :
- أنا بحبك .
***
" يناير – 2017 "
" ساقية الصاوي – القاهره "
على مسرح قاعه " النهر " فى ساقية الصاوي كان يقف " هاني " و فرقتة " إشاره باند " على خشبة مسرح النهر و بدأت الجماهير بالتوافد إلي القاعه، و ما هي الا دقائق حتي أمسك " هاني بالمايك " و بدأ صياح الجمهور إبتسم، و إنتظر حتي هدأت الجماهير و قالت :
- مبسوط إني موجود هنا النهارده .. أول حفلة ليا فى السنه الجديده، و المكان اللى انا بحبه ساقية الصاوي، أنا أول حاجه هقولها النهارده حاجه لأول مره من تأليفي و ألحاني كمان، بهديها للمرض إللي بياخد منك كل حاجه حلوة، إللي بيقتل الفرحة جواك، اللى بيخطف منك الناس اللى بتحبهم بعد ما بتلاقي الدُنيا بدأت تحلي .
ظهرت الدموع فى عين " هاني " و جعلتة يتوقف رغماً عنه عن الكلام و يمسح دموعه و بدأت الموسقي فى البدأ و بدأت الالات الموسقية فى بدأ عملها .
***
" مستشفي السلام – 2016 "
تلك الأضواء المُزجعة‘ الأصوات العالية، البكاء على من توفي منذ لحظات، دمعات الفرح، كل شئ مُعتاد كل شئ مُعتاد و كأنها موسيقي رتيبة يتم عزفها من هذه الضوضاء التى غالباً ما يحدث شئ غير مُحبب بعدها، غالباً ما تأتي المُصيبة ..
- أُستاذ هاني
نظر هاني إلي المُنادي و جده الطبيب الذى خرج للتو من غرفة العمليات نظر إليه فى شغف و قاله له :
- خير خير يا دكتور ..؟
إبتسم الطبيب و قال لها :
- خير يا فنان متقلقش، العملية نجحت بحمد الله دقايق و تقدر تدخلها بعد ما تفوق من البنج ..
- وما هي إلا دقائق حتي دخل " هاني " إلي " وعد " ليراها هذا الملاك النائم، يفتح عينه و كأنة يفتح عينة للمره الأولي و أول ما رأته هو وجه " هاني " وجدتة لـ يُنير المكان، وجدتة قد " حلق " رأسة من أجلها كل ما فعلته إنها إبتسمت و نادتة أن يقترب لتتلاعب فى لحيتة كما تحب ان تفعل، ثم وضعت يدها على رأسة، الصلعاء، بعدما ظل مُربياً لشعره لأكثر من عام، ثم قالت له :
- بابا .. شكلك جميل
إبتسم " هاني و قال لها "
- إنتي اللى جميلة دايماً و هتفضلي جميلة على طول مهما حصل – أنا بحبك جداً يا حبيبتي حمد لله على سلامتك
إبتسمت وعد و قالت :
- أنا كمان بحبك – هاه يسطي حددت ميعاد فرحنا ولا لسه .. ؟
***
" ساقية الصاوي – 2017 "
و ما ان بدأت الموسقي حتي أشار " هاني " لأفراد فريقة ان يتوقفوا و بدأ فى إكمال حديثة قائلاً :
- أسف هقاطعكم تانى، عايز اقولكم ان مفيش قوة على الأرض ممكن تمنعك انك تعمل حاجه انت عايزها حتي لو كانت المرض او " الكانسر " انا النهارده هجيبلكم البنت اللى غلبت المرض لأنها دايماً ، كانت قوية، لأنها دايماً كانت بتحلم ببكره أفضل، ألنهارده وعلى المسرح بعلن للكل إني هتجوز البنت اللى بعشقها " وعد " نداها حتي تصعد إلي المسرح، وبالفعل صعدت بفستانها القصير، التى أحبه للمره الأولي و نظرت له، لأول مره كا زوج لها ثم أحتضنها و بدأت الجماهير فى التصفيق الحاد، حتي أمسك " المايك " من جديد و بدأ فى الغناء .
" وعد مني – ابقي جنبك – رغم إني – صُغر سني – ممكن يمنعني – أبقي بابا – و أحميكي دايماً – من الديابة – و نحقق أحلامنا – لنفترض – أن المرض – حاول فى يوم يقربلنا – كان غيره أشطر – ووقفنا عن حلمنا . "
# كانسر
# أحمد_سمير_حسن
التعبيراتالتعبيرات